إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 4 نوفمبر 2025

ملخص محاضرة الأستاذ عز الدين المدني في روحانيات نفطة 2025

 ملخص محاضرة الأستاذ عز الدين المدني ضمن ندوة الدورة الثامنة لمهرجان روحانيات بنفطة.


جاءت محاضرة الأستاذ عز الدين المدني  في شكل  تداعيات فكرية حرة تستحضر مسألة  الاهتمام بالدراسات الصوفية  في الوسط التونسي  و جاءت رغم ثرائها  و استطراداتها  مترابطة  و منسجمة  في خط ناظم  عكس تيقظا ذهنيا  و معرفيا عند الأستاذ  رغم ما ظهر عليه  من شيخوخة و انهاك.

استهل الأستاذ مداخلته وسط جمهور نوعي و محترم بتصدي بعض الاوساط الجامعية  النافذة  للبحث في المناقب المتصلة  بالظاهرة الولائية  و التصوف و رفض ادراجها  ضمن الاهتمامات الأكاديمية  رغم سبق الاستشراق و الجامعات الغربية  لهذه البحوث  التي نهلت منها أوروبا  و اعادت صياغتها بما يخدم مشروعها الحضاري  فذكر بأعمال ماسينيون  و ما كتبه كما نوه بسبق بعض الجامعات في المشرق العربي لهذه المباحث  قبل نظيراتها  التونسية  بما يزيد عن الثلاثين سنة  في سوريا و لبنان و العراق و خاصة في مصر.

و تناول الأستاذ معنى المأساة بالمفهوم الاغريقي الذي استفزه به كاتب أمريكي لم يذكر اسمه من خلال مصنف ضخم استثنى فيه العرب من معرفتهم  بهذا المفهوم المركزي في الحضارة الغربية و آدابها مما دفع بالاستاذ إلى تفنيد هذا الادعاء و حفزه على  ترجمة مأساة الحلاج  إلى عمل درامي مسرحي يبرر ما اختزلته  تلك التجربة الوجودية  من كل أركان المأساة الملحمية فابرز مجمل القيم التي دافع عنها الحلاج و ابرز فرادة الرجل في الانتصار للحقيقة و التضحية من أجلها  كما ابرز تميزه في صياغة افكاره شعرا  ساميا  و عظيما في معناه و في مبناه  و شن الأستاذ المدني هجوما  ناريا  على فقهاء السلطان  الذين جرموا  التصوف  و ربطوه بالمروق و التمرد و الزندقة  و تهديد عروش الحكام  و رفضهم التصاق التدين الحق بالجماهير و تحررها من ربقة العبودية و التسلط من خلال تحررها من احتكار الفقه للتفسيرات النصية و التاويلات الذاتية للنصوص الدينية.

و عمق الأستاذ فكرة راهنية الحلاج و تجسد افكاره الثورية من حيث تشابه المناخات الحضارية  و الاجتماعية و السياسية  و من حيث الحاجة لحرية  الفكر  و الإرادة و الحاجة الملحة لفصل الديني  عن السياسي في حياتنا العامة  و ابرز بمنهجية  مقارنة  دقيقة الجوانب التي وصفها باليسارية و التقدمية في مقولات الحلاج و من ورائه فكر التصوف العرفاني و مقارباته في مسائل الحرية و الوعي و استقلال الإرادة و الاقتصاد بالجماهير و الزهد ...

و شدد الأستاذ على أن التصوف مساءلة و تبادل معرفي خلاق سواء في مدرسته الأولى في بغداد مع المحاسبة و الحسن البصري و أويس  أو في مدرسته الطرقية  

و تطرق الأستاذ إلى فضل التصوف في الارتقاء بالذوق العام من خلال تغذيته  لمختلف الفنون فذكر ارتباطه بالموسيقى و الرقص و الشعر و أساسا الفنون التشكيلية حيث أشار إلى ما استلهمه التشكليون التونسيون مثل نجيب بلخوجة و نجا المهداوي  حين أعطوا لنفسهم الفني  بعدا صوفيا مثلما كان في التجربة الحروفية لنجا المهداوي حين حول الحرف العربي إلى علامة بصرية ذات دلالة روحية و فنية   

و بعد أن عرج الأستاذ عز الدين المدني على عدة موضوعات متصلة بضرورة استعادة البحث و التفكير في الموروث الصوفي و التسلح بقيمه التحررية التي ظهرت في تجارب رواده و سيرهم على غرار سيرة الشيخ أبي الحسن الشاذلي و علاقته بالسلطة و رحلته إلى مصر أو سيرة المعلم الأكبر ابن عربي و عبقريته الفكرية و الروحية من خلال كتبه المرجعية القيمة  فقد أنهى الأستاذ محاضرته بقراءات منتخبة من الشعر الصوفي للحلاج و لرابعة العدوية مبينا مقدار الجمالية البلاغية و اللغوية في تلك الأشعار الخالدة .


خالد العقبي