بئر "وادي الرتمه" بنفطة...مظهر من مظاهر الفساد الأسود
إنّ الكشف المتوالي عن مظاهر الفساد في النظام السّابق يعزّز بما لا يدعو مجالا للتردّد ضرورة الإصلاح الجذري و القطع النهائي مع رموز و سياسات ذلك النظام المتعفّن كما يعكس مدى انتشار ذلك الفساد و عبثيّته إلى حدّ الغرابة أحيانا.
و لعلّ ما سنورده حول مشروع البئر الارتوازيّة بمنطقة "وادي الرتمه" بمعتمديّة نفطة سيكون مثالا على حجم هذا الفساد الذي يرقى إلى مستوى الجريمة في حقّ المال العام و في حقّ البيئة و في حقّ المحرومين من الشباب المعطّل عن العمل.
فقد تقرّر حفر هذه البئر العميقة بقرار رئاسي و ذلك لفائدة الشباب المعطّلين عن العمل بقصد امتصاص بطالتهم و تمكينهم من مقاسم فلاحيّة لغراسة الباكورات تحت البيوت المكيّفة
و يقدّر منسوب هذه البئر بـ200 لتر في الثانية و هو تدفّق مرتفع قد يغطّي أكثر من 100 هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة في تلك المنطقة الصحراوية القاحلة.
و قد تفجّر الماء في هذه البئر بتاريخ 03 ديسمبر 2007 فاستبشر الجميع خيرا و انتظروا إسناد المقاسم على مستحقّيها لكن هيهات؟ فقد مارست السلطة نوعا من الإغاضة المتعمّدة لفلاّحي المنطقة و شبابها حيث تركت مياه تلك البئر تتدفّق بمنسوب معتبر (20 ل/ث) في سبخة شطّ الجريد طيلة أربع سنوات ؟؟؟تصوّروا أربع سنوات من هدر ثروة حيويّة في سبخة مالحة و غير صالحة للزراعة ؟؟ دون استفادة الشباب الموعود بتلك المياه و الأراضي و لا استفادة الفلاّحين المجاورين لتلك البئر من الذين تعاني غراساتهم من شجر النحيل العطش و الجفاف رغم اتصالهم المتكرّر بالمصالح المعنيّة من مندوبيّة فلاحة وولاية و معتمديّة ...إذ تصدّهم في كلّ مرّة إجابة واحدة خشبيّة متكلّسة مفادها تعذّر الاستجابة لطلبهم لأنّ المشروع رئاسي؟؟؟ و عندما يذكرون أنّ تلك المياه تهدر عبثا في شط الجريد يهزّون أكتافهم مشيرين إلى التعليمات الفوقيّة التي تحرّم التصرّف في المشاريع الرئاسيّة و كأنّها مقدّسات لا تقرب ؟؟ و هنا يلحّ التساؤل حول :
· كمّ الأمتار المكعّبة من الماء الساخن التي خسرتها المائدة المائيّة طيلة أربع سنوات تقريبا ؟
· كم كانت هذه البئر تشغّل من يد عاملة في قطاع زراعة الباكورات؟
· كم كانت توفّر للسّوق الدّاخليّة و للتصدير من منتجات؟
· كم كانت تستفيد حركة النقل الجوّي للبضائع من مطار توزر / نفطة الدّولي ؟
· كم كان يستفيد أصحاب الضيعات الفلاحيّة المحاذية للبئر لو أنّهم استفادوا من مياهه طيلة تلك المدّة في انتظار توزيعها على الفلاّحين الشبّان؟
و الأسئلة الأهمّ التي يجب أن نطرحها و نحن ننعم بما حققته ثورتنا المجيدة :
* من يتحمّل مسؤوليّة هذه الجريمة التي مسّت :
1)المال العام الذي يتعلّق بكلفة البئر في حدّ ذاتها و كلفة المياه المهدورة أيضا.
2)الجانب البيئي ، حيث تبدّدت ثروة نادرة كانت ستقلب وجه تلك المنطقة الصحراوية لو استغلت في التشجير و الزراعة و مقاومة التصحّر.
3)الجانب الاجتماعي حيث كانت ستمتص بطالة عشرات الشباب المعطّل عن العمل و من ورائهم عائلاتهم و كلّ العاملين الجانبيين .
4)الجانب الاقتصادي ، حيث كانت ستضخّ في خزينة الدولة أموالا ضخمة من العملة الصعبة المتأتية من تصدير تلك المنتجات الفلاحيّة .
هذه عيّنة مما عانته معتمدية نفطة من مسؤولي العهد السابق و سياساته العقيمة التي وجب اليوم كشفها و متابعة المتسببين فيها حتّى لا تتكرّر مأساتنا مع طاغية و حزب فاشيّ آخر.
خالد العقبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق